لا للخوفِ ولا للإذعانْ

الإهداء :  إلى روح الشهيد صـالح نور(1)  الفارس الشهم

 وإلى كل ضحايا الإرهاب في الجزائر

 تحذير!!! يرجى من ذوي القلوب المرهفة الحساسة عدم قراءة هذه القصيدة لما فيها من تصوير لمشاهد العنف التي تسبّب فيها الإرهاب.

*1*

بُمْ بُمْ

لغمُُ فُجِّرْ

مقهىً في حَيٍّ شعْبِيٍّ دُمِّرْ

والإحْصائية خَمْسَة قتْلى

والجَرْحى فاقوا العشرينْ

*2*

بُمْ بُمْ

عِشْرونَ قتيلاً والجَرْحى من غيْرِ حِسابْ

في قنْبُلةٍ ضَرَبَتْ دارَ الصحَفيّينْ

وأصابَتْ حافِلة الرُّكّابْ

  *3*

بُمْ بُمْ

لُغْمٌ يَسْتَهْدِفُ تِلميذاتِ

"فرانزْ فانونْ"

وقنابلُ غالتْ أطفالاً

بحدائقَ"بِنْ عَكْنونْ"

لاإحْصائيّةَ بَلْ غَضَبٌ وَذهولْ

بَلغَتْ هَمَجيّة ُمَنْ وَلغوا

في دَمِّ الأطفال الحَدَّ الّلامَعْقولْ

  *4*

في كُلِّ صَباحٍ يفْجَعُنا

القـُتـّالُ المحترفونْ

بفظائِع تقتيلٍ ودَمارْ

وضَحايانا يَزْدادونْ

مِنْ كُلِّ فِئاتِ الشّعبِ

وَمِنْ كُلِّ الأعْمارْ

في كُلّ صَباحٍ يَبْتدِعونْ وَيَبْتكِرونْ

وَكَأنَّ القتْلَ فُنونْ

 

*5*

بالأمْسِ تفجَّرَ سوقُ خُضارْ

وَقبَيْلَ الأمْسِ قِطارْ

واليَوْمَ أمَضَّتْنا الأنْباءْ

بمَجازِرَ في أحْواشٍ مَعْزولَهْ

ذ ُبحَِ السُّكّانُ بها

بفُؤوسٍ أو بمَعاولَ مَفْلولهْ

ذبـِحوا أطفالاً، شباناً،

شيباً ونِساءْ

ذبـِحوا غدْراً

بيَدِالجُبَناءْ

*6*

المَوْتُ يُحاصِرُنا

وَيُرابِطُ ليْلَ نَهارْ

يَترَصَّدُ خَطْوَتنا

يَتصَيَّدُ صَفْوَتنا

وَيُباغِتنا بمَساكِنِنا

وَيُطارِدُنا بشوارِعِنا

وَيُهاجمُنا بمَكاتِبنا

وَمَصانِعِنا وَمَدارسِنا

وَحَدائِقِنا وَمَقاهينا

لِيُلَوِّعَنا بأحِبَّتِنا وَأهالينا

*7*

مَنْ يَحْمِلُ هذا الحِقْدَ لنا ؟

مَنْ يَنْفُثهُ في مَوْطِنِنا ؟

مَنْ يَزْرَعُ حاضِرَنا رُعْباً

لِيُساوِمَ فيهِ عَلى غَدِنا ؟

مَنْ شوّهَ نُبْلَ أمانينا

وَيُحاوِلُ دَفْنَ مَطامِحِنا ؟

مَنْ فجّرَ ألْغامَ البَغْضاءِ

لِيَفْصِمَ عُرْوَةَ وَحْدَتِنا ؟

مَنْ يَدْفعُ أرْصِدَة الأمْوالِ

لِيُذ كي جَذْوَةَ مِحْنَتِنا؟

هَلْ يَعْدِلُ وَهْجُ كراسي

الحُكْمِ وَهيجَ حَريقِ مَدائِنِنا؟

*8*

ماذا بَعْدَ التّفْجيرْ ؟

إلاّ الأنْقاضُ وآثارُالتّدميرْ

صُوَرٌ وَمَشاهِدُ وَحْشِيّهْ

تخْزي الإنْسانْ

وَتصَنِّفُهُ بَعْدَ الحَيَوانْ

صُوَرٌ عَرَّتْ زيفَ المَدَنِيَّهْ

وَسَرابَ حَضارَتِنا البَشريّهْ

وَأرَتْنا أبْعادَ المَأساةِ

بألْوانٍ وبلا ألْوانْ

*9*

جُثثُ القتْلى..

أكْوامٌ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ

نُثِرَتْ في الشّارعِ دونَ نِظامْ

عُجنَتْ بتُرابِ الهَدْمِ وَبالإسْفِلْتِ

وبَعْضِ شظايا الألْغامْ

تحْتَ الأنْقاض مَشاهِدُ مَمْنوعَهْ

حَتّى في أشْرطةِ العُنْفِ السّادِيِّ وفي كُلِّ الأفْلامْ

وَمَناظِرُ مُرْعِبَة ٌ

تَدْعو للدَّهْشةِ ثمَّ الخَيْبَةِ ثمَّ

الحِقْدِ وَتـُشْعِرُ بالغَثيانْ

*10*

مِزَقُُ مِنْ أقْمِشةٍ : قطْنٍ ، صوفٍ ، وَحَرائِرْ

لِسراويلٍ وَقفاطينٍ"

وَفساتينٍ"  وَمَآزِرْ

كانَتْ في يَوْم ٍ بَهْجَة دُنْيانا

فغَدَتْ لأحِبَّتِنا

في وَمْضَةِ عَيْنٍ أكْفانا

مِزَقٌ بَهَتتْ فيها الألْوانْ

وَخَبا اللّمَعانْ

وَبَدَتْ مِنْها جُثثُ الأطْفالِ

بَراعِمِنا وأزاهِرنا

كَوُجوهِ مَلائِكَةٍ مَفْزوعَهْ

البَعْضُ برِجْلٍ أوْ بذِراعٍ مَقْطوعَهْ

والبَعْضُ بعَيْنٍ مَقْلوعَهْ

والتلميذاتُ صبايانا

وَعَرائِسُ مَغنانا

وَبُدورُ دُجانا

أشْلاءٌ فحَّمَها التّفجيرْ

وَعَلتْها أحْجارُ التّدميرْ

*10*

ما أقْسى أنْ تغْدو

تِلْكَ القاماتُ الغَضَّة ُ

والضِّحْكاتُ الغِرَّهْ

والأسْماءُ الحُلْوَةُ

و الصَّوْتُ الكَرَوانْ

مِزَ قاً، أشْلاءْ

ليسَ لها اسْمٌ أوْعُنوانْ

واللّوْنُ الأحْمَرُ فيها

لطَّخَ كُلَّ الألْوانْ

*11*

مَنْ يَشْفي

آلامَ الأسَرِ المَفْجوعَهْ؟

مَنْ يُنْهي

كَرْبَ بلادي المَوْجوعَهْ ؟

*12*

يا مَنْ يَتسَلَّحُ بالإرْهابِ

وَيَحْترفُ القتْلْ

سِكّينُكَ يُمْكِنُ أنْ تغْتالَ

الكاتِبَ لا الكَلِمَهْ

وَرَصاصُكَ يُردي

الشّاعِرَ لا النّسْمَهْ

واللُّغْمُ وَإنْ يُغْرِقْ أحْياءً

أوْمُدُناً في الظُّلْمَهْ

لنْ يَحْجُبَ نورَ الشّمْسِ

وَضَوْءَ البَدْرِ

وَشعْشعَة النَّجْمَهْ

إنْ يَهْدِمْ مَدْرَسَة ً أوْ حَوْشاً

أوْ قصْرْ

لنْ يَهْدِمَ صَرْْحَ الفِكْرْ

أوْ يُزْهِقَ روحَ العَقْلْ

*13*

يامَنْ يَلْهو بالأسْلِحَةِ

النّاريّة والبيْضاءْ

وَيُحَكِّمُها برقابِ

العُزَّلِ والضُّعَفاءْ

هَلْ تعْلمُ أنَّكَ بالسِّكينْ

تقْطَعُ عَنْ عَمْدٍ

شِرْيانَ بلادِكْ؟

هَلْ تدْرِكُ أنّكَ تنْسِفُ

بالألْغام ِ

جهادَ أبيكَ وأجْدادِكْ ؟

هَلْ تدْري أنَّكَ تحْكُمُ

بالإعْدام ِ

عَلى مُسْتقْبَل ِ أوْلادِكْ ؟

*14*

يا "صالحُ نورْ "

يارَمْزَ الحُلْم ِ المَقْهورْ

لِجَزائِرَ تطْمَحُ أنْ تغْدو

لِبنيها ، لِلأحرار ِ جميعاً

واحَة َ نورْ

يافارسُ في أرْضٍ تغْتالُ فوارسَها

وَتزُفُّ إلى أحْضانِ المَوْتِ عَرائِسَها

وَمَنارَةَ حُبٍّ أهْوَتْها ريحُ البَغْضاءْ

في ليْلٍ شَتْوٍيٍٍّ

مَسْعورِ الأجْواءْ

*15*

ياصالحُ نورْ

نبْكيكَ ونبْكي كُلَّ الفُرْسان ِ

الشّجْعانْ

مَنْ قالوا: لا للخوفِ

ولا لِلإذْعانْ

نبكيكَ ونبْكي كُلَّ مَنائِرِنا

نبْكيكَ ونبْكي فيكَ مَصائِرَنا

فعَسى أنْ تجْلو  زفْرَتُنا

تعْتيمَ ضَمائِرنا

وَعَسى أنْ تمْسَحَ دَمْعَتنا

إعْماءَ بَصائِرنا

*16*

ياصالحُ نورْ

يا رَمْزَ ضَحايا الوَحْشِيَّهْ

ما مُتَّ سُدى

بَلْ كُنْتَ فِدى

للوَطن  وللحريّة

 

الجزائر 20 ماي 1997

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صالح نور : كان إطارا ساميا في وزارة العدل ، وأحد مؤسسي اتحاد المترجمين الجزائريين بعد الاستقلال .

 

                                عبد الله خمّار

من المجموعة الشعرية "محطات عاطفية في رحلة العمر"

 للاطلاع على قصائد هذه المجموعة، انقر هنا: محطات عاطفية

للاطلاع على الأشعار الأخرى للكاتب انقر هنا:  الأعمال الشعريّة